"بقيت ما بثق في أي زول"...شهادات سودانيات مع الابتزاز الجنسي

يجتمع كلٌّ من مزنة وعمّار في هذا العمل المشترك لتناول قضية الابتزاز الجنسي المُمارس على اللاجئات في محاولة لتسليط الضوء على معاناة النساء اللواتي يواجهن استغلالًا مضاعفًا في رحلات النزوح واللجوء، من خلال الكلمة والصورة معًا.  

أكثر من 12 مليون فرد في السودان يعانون من خطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، وفق ما ذكره صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) عام 2025، حيث أعلن المُستجيبون/ات في الخطوط الأمامية والناجيات/ون عن معدّلات مثيرة للقلق من جرائم الاغتصاب وسوء المعاملة وتزويج الأطفال.

في حديث أجراه موظّفو الصندوق مع قابلة قانونية في عيادة أمومة في القضارف شرق السودان، يتّضح حجم المأساة الإنسانية، إذ تقول القابلة:

"كل امرأة وفتاة هنا معرّضة للخطر، بغض النظر عن عمرها أو خلفيتها. لا أحد في مأمن. فقد أصبح العنف الجنسي منتشرًا على نطاق واسع، وصار سلاحًا، كالبنادق والرصاص. تصل النساء إلى مرافقنا مُنهَكات ومصدومات وغالبًا بعد أشهر من النزوح. إنهن يحملن جراحًا جسدية وعاطفية يصعب فهمها".

أصبح الوضع الإنساني للنساء داخل السودان وخارجه مزريًا، إذ يجدن أنفسهن عالقات بين خيار البقاء في مناطق الحصار والعنف، مثل الفاشر والدلنج، والاضطرار إلى توقّع العنف الجنسي والاغتصاب كقدر وسلاح سيُستخدم ضدهنّ على اختلاف أعراقهن، فيصحّ القول إن في السودان - وبلدان اللجوء - تُمارَس الحروب على أجساد النساء فيما المجتمع الدولي والإقليمي يتفرّج أو، في أحسن الأحوال، يُدين من بعيد.

من خلال قصص رانيا وتمارا وخبرة مآب، نعرض -ولو القليل- من معاناة ما تمرّ به سودانيات في محاولةٍ لتسليط الضوء على أوضاعهنّ والتشديد على ضرورة تكثيف العمل على حمايتهن ودعمهن في أسرع وقت. 

قصّة رانيا

 حي كاتانغا في كمبالا حيث تسكن رانيا مع عددٍ كبيرٍ من اللاجئين/ات السودانيين/ات.

في إحدى تلك الليالي التي يفيض فيها الصدر بمكنوناته، روت لنا رانيا (اسم مستعار) قصّتَها بعد أن طالت رحلتُها مع الكتمان. ورانيا شابة من جنوب السودان في الثالثة والعشرين من عمرها، وُلدت في ولاية النيل الأبيض في مدينة كوستي، ثم انتقلت إلى الكلاكلة حيث ترعرعت إلى حين اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2023. قبل ذلك التاريخ المشؤوم، كانت تقطن في حيّ ود نوباوي في أم درمان وتتحضّر لامتحانات الشهادة السودانية إلى أن أتت جولات العنف لتغيّر جميع الخطط والمسارات.

لم تغادر رانيا المدينة مباشرةً، لكنّ سقوطَ شظايا قذيفة في منزلها أجبرها على الخروج، فعادتْ إلى مسقط رأسها في ولاية النيل الأبيض حيث كان يسكن جزءٌ من أسرتها الذي احتضنها لمدّة عام، إلى أن قرّرت المغادرة من أجل مواصلة تعليمها ودراسة اللغة الإنجليزية، فاختارت أوغندا لتكون وجهتها المقبلة.

شقّت رانيا طريقها بَرًّا نحو الحدود السودانية مع جنوب السودان، ومن هناك استمرّت رحلتها نحو مدينة الرّنك في ولاية أعالي النيل ثمّ أبحرت في قاربٍ نحو مدينة جوبا في رحلةٍ شاقةٍ استغرقت من كوستي حتى جوبا عشرين يومًا مكثت بعدها شهرًا واحدًا في جوبا، ثم واصلت رحلتها نحو الأراضي الأوغندية شمالًا، تحديدًا مدينة بيالي في مقاطعة كرياندونغو التي وصلت إليها في الثامن من أيلول/سبتمبر 2024. وشرعت رانيا مباشرةً في تسجيل نفسها في أحد المعاهد لتعلّم اللّغة الإنجليزية، وفي الوقت نفسه، قدّمت طلبَها للجوء في الأراضي الأوغندية.

رانيا وهي تنظر من إحدى نوافذ المقهى نحو مبنى مليء بالسكّان السودانيين.

قضت رانيا عشرين يومًا فقط في المعهد إذ اضطرّت إلى التوقّف عن دراستها لتتفرّغ لوظيفة حصلت عليها عن طريق توصية من صديق كمساعدة شيف (طاهي) في فندق سوداني، مقابل تأمين السكن والطعام لها بالإضافة إلى راتب شهري قدره 150 ألف شلن أوغندي (ما يعادل حوالي 43 دولارًا أميركيًا في الوقت الحالي). 

كانت غرف العاملات في الفندق مزدحمة إذ كانت خمس عاملات على الأقل يتشاركنَ الغرفة نفسها ما اضطر رانيا إلى النوم في المطبخ، وأحيانًا في إحدى غرف الفندق الشاغرة. ثم بدأت مضايقات صاحب العمل تزعجها، وهو رجلٌ متزوّج في الثلاثينات من عمره، استغلّ أزمة المنامة عارضًا على رانيا مشاركته غرفة نومه بحجّة ازدحام الغرف الأخرى. 

قابلت رانيا طلبَه بالرفض القاطع، لكن ذلك لم يوقفه بل طلب منها صراحةً علاقةً جنسيةً معه، وحاول إقناعها قائلًا: "برقّيكي عشان تبقي في الرسبشن"، أي حاول إغراءها بترقية.

ظلّت رانيا متمسّكة برفضها فغيّر صاحب العمل أسلوبَه في التعامل معها وبدأ يرفع صوته أثناء العمل واختلاق المشاكل والنقاشات. وبعد أيام من تلك المضايقات وأساليب الضغط اللئيمة، قرّرت رانيا ترك العمل واضطرّت إلى الكذب على مُشرفتها في المطبخ شارحةً أن سبب تركها هو رغبتها في مواصلة دراستها، متحفظةً عن السبب الحقيقي حتى أمام صديقاتها والمقرّبين/ات منها. لم يفارقها الكتمان البتّة، إلى حين مشاركتها هذه القصة معنا. 

رانيا في أحد المقاهي التي اعتادت زيارتها في المنطقة.

في محاولة للتخفيف عن نفسها وتقويتها، تقول رانيا:

"الموقف دا أثّر فيني نفسيًا وحسّيت إنو في حاجة اتغيّرت فيني وبقيت بلزم نفسي أبقى قوية، وأي زول (رجل) يحاول يتحرّش بي بأيّ طريقة لازم أوقفه في حدّه، مهما كان الموقف أو الطريقة". 

بعد أسبوعٍ من توقّفها عن العمل في الفندق، بدأت رانيا عملًا جديدًا في مقهى، لكنها تركته أيضًا بعد اتّهامها بالسرقة، فانتقلت بعد ذلك إلى العاصمة كمبالا، حيث عملت كنادلة في أحد المطاعم السودانية، وواجهت موقفًا محرجًا مع أحد الزبائن الذي أعاد إحياء ما تركته خلفها من ذكريات أليمة. سخر منها ذلك الزبون قائلًا إنها تُهلك نفسها بالعمل من غير جدوى، "ولو اشتغلتي في الدعارة لجنيتي أموالًا أكثر بل وبالعملة الصعبة"، مضيفًا وبكل وقاحة: "هسي لو مشيتي معاي بديك 100 دولار". 

أصبحت رانيا بعد هذا الموقف انتقائية جدًا، تختار بيئات عملها بعناية، وتتفادى العمل مع الرجال إذ ازدادت ريبتها واندفاعها في حماية نفسها. 

رانيا في صالون التجميل حيث تعمل حاليًّا.

فانتقلت رانيا أخيرًا للعمل كمصفّفة شعر في أحد الصالونات النسائية الذي تملكه سيدة سودانية في الثلاثينات من عمرها، وسرعان ما نمتْ بينهما أواصرُ المحبة والتعاون وصارت ترتاد الواحدة بيت الأخرى خارج نطاق العمل. إلى جانب الصالون، بدأت رانيا عملها الثاني كنادلة خلال الدوام المسائي في أحد المطاعم السودانية.

أخيرًا، شعرتْ رانيا بشيء من الرضا تجاه بيئات عملها الجديدة والمدراء الحاليين، وجلّ ما تتمناه الآن هو استمرار هذه الأجواء من الأمان والاستقرار والعودة إلى مواصلة مسيرتها التعليمية.

قصّة تمارا

تمارا وهي ترتشف القهوة في صالة منزلها في حيّ شيكوني.

تمارا (اسم مستعار) شابّة في الخامسة والعشرين من عمرها، من دولة إرتريا، ترعرعت في شرق السودان، في مدينة بورتسودان، شاركتْنا قصّتَها في إحدى جلسات القهوة العفوية. أنهت تمارا دراستها الثانوية في المدينة، ثم انتقلت بعدها إلى العاصمة الخرطوم لتبدأ دراسة إدارة الأعمال في الجامعة، لكن الحرب خرّبت كل شيء. 

حين اندلعت أعمال العنف، ساعدها أحد أصدقاء والدها في الخروج من الحيّ الذي كانت تقطنه في وسط الخرطوم، وكان ساحةً للنزاعات العنيفة بين الأطراف المتحاربة. خلال محاولتهما الهروب من المنطقة، اعترضتْهما إحدى ارتكازات قوّات الدعم السريع التي استجوبتهما. نجت تمارا من خطر الدعم السريع بعد أن قال صديق أبيها إنه عمّها واضطر إلى دفع رشوة مقابل السماح لتمارا ووالدها بمواصلة طريقهما. 

سكنتْ تمارا مع أسرة صديق والدها لأسبوعين، ثم شدّت رحالها وعادت إلى أسرتها في مدينة بورتسودان ومنها إلى مَدَني لتوثّق شهادة تخرّجها، ثم إلى أسمرا، ومن هناك جوًا نحو الأراضي الأوغندية التي وصلت إليها في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وكان هدفها الأساسي، مثل رانيا، تعلّم اللغة الإنجليزية.

التحقت تمارا بدورة لغة إنجليزية في جامعة ماكيريري الحكومية لمدة ثلاثة أشهر. وبعد مرور ستة أشهر في كمبالا واصلت خلالها الدراسة من دون عمل، وجدت وظيفةً في فندق كمُعدّة شاي، لكن سرعان ما تركتْ العمل بعد يومين فقط بسبب تحرّش الزبائن بها والضغط وضعف الأجر.

تمارا خلال أدائها إحدى عاداتها المفضّلة… تحضير القهوة.

تعرّفت تمارا إلى صاحب مقهى، وهو رجل في الثلاثينات من عمره، عن طريق صديقة رشّحتها للعمل لديه. وافقت تمارا فورًا على اقتراحه لقاءها ظنًّا منها أن المحادثة قد تحمل وعدًا بفرصة عمل جديدة. بعد دقائق من اللقاء، حاول الرجل لمسها ثم أفصح عن رغبته بعلاقة جنسية معها. رفضت تمارا الأمر بشدّة وأخبرته بأنها على علاقة بشخص آخر لكن ذلك لم يُوقف محاولاته، إذ تابع مدّعيًا أنه يستطيع مساعدتها على السفر إلى إحدى الدول الأوروبية وأنه مستعد لأن يتزوّجها ويأخذها معه. لم تتأثر تمارا بتلك الحيل وغادرت المكان. وبعد عودتها إلى المنزل، قامت بحظره وقطعت كل سبل التواصل معه. لاحقًا، سمعتْ عنه أنه سافر إلى دولة أوروبية. وعن هذه التجربة قالت:

"أنا اليوم داك طلعت من هناك وخلّيت وراي زول ما عارفة ضحيته الجاية حتكون منو؟"

فيما بعد، عملت تمارا في متجرٍ لبيع المواد الغذائية ومستحضرات التجميل لمدّة شهر. في اليوم الأول من تلك الوظيفة، طلب منها المالك مرافقته إلى إحدى الملاهي الليلية، لكنها رفضت، فاحترم رأيها ولم يكرّر الطلب. لاحقًا سافر المالك وعَيّن مديرًا جديدًا اتّهمها بعدم الالتزام بقوانين العمل وطردها دون علم المالك، ما جعل تمارا تغرق مجددًا داخل دوّامة البحث عن عمل.

تمارا وهي تسكب القهوة… شرب القهوة تقليد أساسي في بلدها، إرتريا.

تقول تمارا إن تجاربها مع الابتزاز الجنسي لم تبدأ في أوغندا إذ كانت لها تجارب سابقة أشدّ أثرًا في السودان، أبرزها خلال عملها في محلّ لبيع الأقاشي (نوع من اللحوم المشوية) في شارع المطار في الخرطوم. كانت تمارا تتنقل يوميًا بسيارة خاصة، وفي أحد الأيام، اعتذر السائق عن الحضور وكان الوقت تأخر بالفعل، فعرض عليها مديرها أن يُوصلها بنفسه بسيارته. وافقت تمارا لقلّة خياراتها وخلال الطريق بدأ المدير يلمسها بطريقة غير لائقة وعرض عليها زيادة مرتّبها مقابل علاقة جنسية قائلًا إنه يمكنه أن يجعلها تترك العمل ليتكفّل هو بجميع احتياجاتها، فقط إن وافقت. أيضًا حينها، رفضت تمارا بشدّة وعادت إلى المنزل في حالة من الصدمة ودون أدنى فكرة عمّا يخبّئه لها الغد. في اليوم التالي، أغلق المدير عليها الباب داخل المخزن وحاول الاعتداء عليها. عن تلك التجربة تقول تمارا:

"قلت ليهو أنا بصرخ وبلم عليك الناس، حتى بعداك اتراجع، وفتح لي الباب". وأضافت: "بقيت ما بثق في أي زول من ناحية شغل، وما في زول بتعامل معاك كويس إلا لو محتاج منك حاجة". وعمّا تعرّضت له تقول: "بعد أن قفل عليّ المخزن حسّيت روحي ضعيفة شديد". 

تمارا تقف إلى جانب شباك غرفة النوم واللّوحات تزيّن حائط غرفتها

تمارا تقف إلى جانب شباك غرفة النوم واللّوحات تزيّن حائط غرفتها.

بعد تلك الحادثة، ومثل رانيا، أصبحت تمارا أكثر حذرًا وفقدت ثقتها بالرجال عمومًا وصارت ترفض العمل كبائعة شاي بسبب وصمة المجتمع، ما جعل إيجاد فرص عمل جديدة أمرًا صعبًا للغاية. لاحظت تمارا تغيّرات كثيرة في شخصيتها وطريقة تعاملها مع الرجال، حتى اتّهمها بعض الزملاء بالغرور.

لكن تمارا أشادت بنقطة مهمة، إذ قالت بعد أن سألناها عن سبب عدم مشاركتها ما تعرّضت له مع أي جهة:

"هو بالجد في حاجات زي دي؟ وجهة ممكن تسمعني؟ صراحة ما كنت عارفة إنو في جهات أصلًا شغالة في المجالات دي، وحتى لو في، أنا فاقدة الثقة شديد لدرجة ما مقتنعة إنو في عائد من الشكوى، وإنو في جهة بتدعم النساء بجدية".

تمارا مع السيجارة، عادةٌ لم تسمح لها بأن تستنزفَها في الأوقات الصعبة.

شاركت تمارا قصّتَها مع صديقاتها المقرّبات وقالت إنّ بوحَها آنذاك ساعدها على التخفيف من وطأة الألم. كما كان للجانب الديني أثر كبير عليها، إذ شعرت أن الترنيم وزيارة الكنيسة عاملان أساسيان في استعادة توازنها النفسي وشرحت أن عقلانيتها منعتها من اللجوء إلى الإدمان أو الإفراط في التدخين للتعافي من الصدمة.

"كونيّ مسيحية خلّى الناس يستبيحوا حريتي، ولما كنت أرفض التحرش والابتزاز كنت بسمع حاجات زي: ليه؟ ما أصلا عادي عندكم".

تمارا تتمسّك بقلادة الصليب، وهي خصلة تلقائية تتميّز بها.

تمنع تمارا أي فرصة لتجاوز الحدود معها، وفق ما تقول، إذ ترى في حذرها وعدم عفويتها وسيلة فعّالة لحماية نفسها من اللّوم في حال تكرار أي حادثة. وتختم قصتها متوجّهةً إلى جميع النساء:

"أنصح النساء أن يشتكين. المجتمع ونظرته وعدم وجود مساحة آمنة بيخلوا البنات ما يشتكين لأنه دايمًا بيلوموهنّ بدل ما يدعموهنّ. وصراحة عجبني النظام الأوغندي في التعامل مع قضايا النساء ودفاعه عنهن". 

بات لتمارا اليوم عملها الخاص، وهو محل للمنتجات التجميلية، وهي الآن تشعر براحة كبيرة وحرية من القيود التي كان يفرضها عليها العمل تحت إدارة الآخرين.

تمارا مسترخيةً على سريرها تُحدّق في حائط الغرفة.

تمارا مسترخيةً على سريرها تُحدّق في حائط الغرفة.

قصة مآب

تمتلك مآب صلاح، وهي معالجة نفسية ومدافعة عن حقوق النساء، خبرةً واسعةً في التعامل مع قضايا الابتزاز داخل بيئة العمل وخارجها، ويرتكز دورها على تقديم الدعم النفسي والحماية لكل حالة، تبعًا لاحتياجاتها وخصوصياتها. 

في حديثها معنا، سلّطت صلاح الضوء على أبرز الآثار النفسية والاجتماعية التي تعاني منها النساء اللواتي تعرّضن للابتزاز الجنسي شارحةً أن الوصمة الاجتماعية تُعدّ من أكثر الآثار عمقًا، تليها مشاعر الهلع والقلق وفقدان الثقة بالنفس والآخرين، بالإضافة إلى الشعور بالذنب والعار. وتشير إلى أن الكثير من النساء بدأن بالانسحاب الاجتماعي وصرنَ يمِلن نحو العزلة والانطواء.

"هذه العلامات، خصوصًا الشعور بالذنب والعار، تؤثر بشكل كبير في صورة المرأة عن نفسها، وقد تقودها في بعض الحالات إلى التفكير في الانتحار".

وترى صلاح أن انعدام الأمان والاعتماد الاقتصادي يجعل اللاجئات والنازحات أكثر هشاشة أمام الابتزاز إذ يزداد خوفهنّ من فقدان الوظيفة أو مصدر الدخل. وتوضح أن الفارق في التعامل مع هذه الحالات بين السودان والدول المجاورة مثل أوغندا يكمن في وجود أو غياب المؤسسات الداعمة:

"في السودان هناك غياب شبه تام للجهات المتخصّصة التي توفّر الأمان والخصوصية التي تحتاجها الضحايا، على عكس أوغندا التي تتوفّر فيها هذه الخدمات بشكل أفضل نسبيًا، وهو ما يصنع فارقًا في طريقة تعامل الضحايا مع تجاربهن وسعيهن نحو التعافي".

تؤكّد مآب صلاح أهمّية الدعم المجتمعي والعائلي في تمكين النساء اقتصاديًا وتوعيتهن بحقوقهن لتمكينهنّ من طلب الدعم النفسي والقانوني عند التعرّض لأي ابتزاز أو اعتداء، كما تدعو إلى توفير آليات لنشر المعرفة تساعد النساء في فهم الابتزاز كشكلٍ من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي وإزالة الوصمة عن النساء وتحميل الجاني المسؤولية.

أما بالنسبة إلى أصحاب العمل والمؤسّسات، فتقترح الخبيرة النفسية وضعَ سياسات واضحة ولوائح تحمي المُبلِّغات وتضمن لهنّ الإبلاغ بأمان، مع ضرورة محاسبة الجناة حتى لو كانوا في مواقع قياديّة. وأخيرًا، تشدّد صلاح على أهمية توفّر مجموعات الدعم النفسي وضمان سريّة الشكاوى لحماية النساء اللواتي يرفعنها.

    مزنة محمد

    مزنة محمد كاتبة في الحادية والعشرين من عمرها، تمتلك خبرة في كتابة المحتوى الإبداعي والتسويقي وتطوّعت لتدريب الشباب على الكتابة في منصات ثقافية وإعلامية سودانية.

    عمّار ياسر

    مصوّر وثائقي وصانع أفلام يبلغ من العمر عشرين عامًا، يوظّف عدسته لتوثيق معاناة اللاجئين/ات الهاربين/ات من حرب السودان وتسليط الضوء على أبعادها الإنسانية.

    إضافة تعليق جديد

    محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

    نص عادي

    • لا يسمح بوسوم HTML.
    • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
    • سيتم تحويل عناوين المواقع الإلكترونية وعناوين البريد الإلكتروني إلى روابط تلقائياً.